4-القصة.
كان جالساً في فناء السجن منفرداً شارد الذهن مهموم كعاداته؛ لا يتكلم الا قليلا جداً؛
كلما حاول أحد التقرب منه تجنبه؛ كان لا يريد التكلم كثيراً عن قضيته؛ لانه أعتبرها
ليست قضية بل أنه أعتقد أنه ظلم فيها.
وكان علي درجة معقولة من التعلمح فكان معظم الأوقات يقضيها في مكتبة السجن يطلع
علي الكتب فتكونت لدية ثقافة لا بأس بها.
وكان متزوجاً و لديه ابن لم يره عند ولادته؛ لم ير تلك اللحظات الاولي للولادة التي ينتظرها كل اب؛
عندما ينتظر بلهفة و ترقب و خوف ولي العهد الذي سيحمل اسم العائلة؛ فكانت لها
أثر كبير في حياته إذ لم ير
تلك اللحظات.
دعونا نتخيل أب لم ير لحظات الولادة لم يشعر بلحظات و ساعات القلق عند الولادة؛ أب
لم يشاهد أبنه يكبر أمامه ولم يَربه.
ولكن مع كل هذا كان يري ابنه اثناء الزيارات؛ حيث أن زوجته لم تتركه
لشعور بداخلها انها تحبه
ولا تستطيع تركه؛ هل لانه مظلوم؛ و أنه فعل ذلك لاجل شئ ما؟!...
علاء- التحريات أثبت انه شخص هادئ الطبع؛ وحبوب بين الناس؛
لا يتعارك يحب أن يسود العدل المجتمع؛ أسرة معدمه؛ يعمل كأجير في الأراضي الزراعية
بيومية لا يستطيع معها تدبر نفقات الحياة.
عماد- هذه حياة كثير من الناس؛ ولكن لا أري حتي الان سبب لما فعل؟
- والدة مزارع يعما فب أرض أحد الاثرياء؛ ذلك الثري ضرب أبوه و لكن "عبد الفتاح"
لم يستطع فعل شئ لحمايته؛ فقرر الانتقام!
- القتل!!
- لا... السرقة
- كيف؟
- الهدف ليس السرقة لنفسة فقط بل لكل أهله الذين ذلهم ذلك الرجل بماله
- هدف غريب!
- بالفعل هدف غريب؛ ولكنه سعي اليه
- كيف؟
- لم يبدأ بذلك الرجل بل بدا بعمدة البلد
- لماذا؟!
- لأن العمدة مشارك الرجل في هذه الأعمال؛ يأتي بالفلاحين بالقوة و الضرب يجعلهم
يزرعون في أرض ذلك الثري باجور زهيده جداً.
فبدا بسرقة المواشي وذهب بهم الي السوق وباعهم ووزع المال علي اهل البلد؛ فكلما
أستيقظ أحد وجد عنده مبلغ من المال لا يعلم من أين
أتي ولا يريد أن يعلم.
- وهو لم يأخذ شئ لنفسه
- قلت لك أنه كان لا يهتم بنفسه اكثر من اهلهو بلده؛ وكان يأخذ ما يكفيه فقط.
- أكمل فأنا متشوق لسماع الباقي.
- فبعدما سرق العمدة؛ سرق شيخ البلد وأي أحد يظلم شخص يسرقة ليحزنه علي ما سَرق منه.
- شخص غريب يسرق ولا يتمتع بما يسرق!!
- فعلا هو كذلك
- و لكن الرجل الثري ماذا فعل به؟
- أقول لك أولا أنه كان يترك رسالة عند كل شخص يترك عنده مال
- ما هي هذه الرسالة؟
- لا تدعوا أحد يظلمكم و لا يتحكم فيكم هم الذين يحتاجون اليكم.
فطريقة الكلام و الكتابة تدل علي انه من أهل البلد؛ فبدانا التحريات عن كل شخص في البلد.
في البداية وجدنا صعوبة لتحديد هذا الشخص و لكن الغريب في الامر
أن الذي يترك المال يترك رساله لكن"عبد الفتاح" لم يحدث معه ذلك.
- كيف؟
- كان المال بدون رسالة
- وتلك كانت البداية؟
- بالضبط فبدانا جمع التحريات أكثر دقة عنه و لكن اسفرت عن عدم وجود دليل ضده.
حامد- لسه عايزين بالثأر يا "عبد الفتاح"
عبد الفتاح- "حسن" امانه معاك يا"حامد" هو وأمه
- في عنيه.
- "حسن" عامل اية في المدرسة؟
- شاطر و المدرسن بيشكروا فيه
- مجاش معاك ليه المرة دية؟
- عنده امتحانات الشهر و بيذاكر
- ربنا معاه
- قولتك بلاش؛ ونسيبه لربنا
- ده كان حقي و حق اهلي و بلدي؛ مقدرش اشوف الظلم وأسكت
- ما الناس كانت راضيه و ساكته و كفيه خيرها شرها
- أنا بدات وغيري هيكمل
- أمتي؟
- كل شئ بآوان
- ليه قتلت الباشا طيب؟
- هو الي بدا الضرب
- بدأ و انت تقتله؛ وعائلته طلبه الثأر منك ومن ابنك
- انا في السجن؛ وابني ربنا يحميه
- و نعم بالله بس
- بس ايه!
- ولا حاجة
عماد- هو كان بيعمل بمفرده؟
علاء- ايوه
- كيف؟
- هذا ما اثبته تحريات المباحث يعمل بمفرده.
- شخص يسرق و يبيع ما يسرق بمفردة؛شئ عجيب!!
- كان له صديق اسمه"حامد" شكت فيه المباحث و لكن بدون دليل فتم تبرائته
- فهمت؛ وطيب السرق و فهمنها؛ و القتل؟
- قتل الثري صاحب العزبة.
- اللي ضرب ابوه
- ايوه
- كيف؟
- كان عايز يسرق قصره من فلوس وذهب و تحف بمعني"كل ما خف وزنه وثقل ثمنه" و لكن.............
- ولكن.. ماذا؟
عبد الفتاح- لا أكيد في حاجه؟
حامد- عايز أسالك سؤال محيرني؟
- أيه هو؟
- أنت ليه تركت "عبد المجيد باشا" للاخر؟
- كنت عايز أدمره نهائياً؛ كنت عايز احرق زرعه و قصره و اسرق فلوسه و كل ما يملك
بمعني"أدمر اعصابه و يفقد توازنه"
- بس ده أخد احتياطه بعدما ما فعلت بالعمدة و شيخ البلد؛ وأنت كنت عارف كده؛
و أستعان بالمطاريد؛ وانت رأيتهم و علي الرغم من ذلك ذهبت تسرقه؛ حاجه غريبه!!
- كان همي الاكبر أن أثأر لابويه؛ لم أخف من المطاريد علي الرغم من انهم أقوي و
أكبر عدد مني؛ كان نفسي أخد بالثأر لابويه ولكل أهل البلد
- وكانت نهايتك السجن؛ انت كنت رايح تسرق اية اللي جعلك تقتل؟
- هو اللي رفع السلاح الاول
- طيب قتلته إزاي وكان معاه بندقية و أنت كنت أعزل من غير سلاح؟
- قاومته؛ وكان علي المكتب فتاحه ورق قتلته بها.
كان "محسن" يفكر في صديقة "عماد" طوال الوقت و قد مضي وقت طويل و لم يتصل
وكلما أتصل به لم يرد علي الهاتف؛ وكان "محسن" منزعجاً جدا من ذلك الأمر؛ و أراد بشتي
الطرق الاتصال به حتي انه فكر في الذهاب اليه في الأسكندريه ليري ما يحدث هناك؛
وكان زملائه في المكتب يلاحظون ذلك فمن عادة"عماد"ً إذا غاب يتصل بهم ليطمئنهم عليه؛
و شاركوا"محسن" فكرة و بداوا يخمنون ماذا يفعل الان "عماد" أحقاً أنها قصة ذهب للبحث
عنها أم انه مجرد هروب من العمل و الاستجمام في عروس الأبيض المتوسط؛ لدرجة
أن "مجدي" ضحك من هذا التخمين و بدا يقول "عماد"
ده راجل خبيث طلب اجازة لقصة و هو ذهب يستجم هناك و ضحك ضحكاً عالياً جداّ
جعل المكتب كله يضحك معه حتي "محسن"
وأنتهي موعدالزيارة و غادر "حامد" السجن عائداً الي بيته في القاهرة؛
ورجع "عبد الفتاح" الي الزنزانة مرة أخريح ولكن هذه المرة
كان يتذكر ما حدث في هذه الليله السوداء عندما قتل"عبدالمجيد"في قصره.
و شرد ذهن "عبدالفتاح" متذكراً ما حدث؛ حيث بدأ الامر وكأنه طبيعياً في حديقة القصرح
لم ير المطاريد؛ يبدوا انهم ذهبوا لسرقة أو قطع طريق؛ لم يتركوا الإ رجلاً واحداً تغلب
عليه"عبدالفتاح" بضربه علي الرأس فاغشي عليه و ربطه جيداً ثم قفز الي المكتب فلم
يجد أحد فوجدها فرصة للسرقة.
وكان "عبدالفتاح" لص غير متمرس علي سرقة القصور و الخزائن بل
جعل السرقة وسيلة للوصول الي غايته الا وهي الانتقام فدفعته حماسته
الي ذلك الامر.
فيبدوا عليه انه لم يدرك ان "عبدالمجيد" كان دائم التنقل بالليل بين غرفته
و مكتبه للأطمنئنان علي الخزنه والأوراق؛ وكان يحمل بندقيته دائماً لا يتركها
وفجأة دخل علي "عبدالفتاح" وهو يسرق.
5- الحوار.
بعدما ترك"حامد""عبدالفتاح" بعد أنتهاء موعد الزيارة متوجهاً الي بيته بمنطقة
القلعة بالقاهرة و هو يشعر بالندم لأنه ترك صديقه يواجهه هذه المحنه
و علي الرغم من أن "عبدالفتاح" جعله يتحمل مشئوليه أكبر و هي حماية زوجته
و ابنه"حسن" و ابويه الكبيرين المرضين؛ فهذه مسئوليه كبيرة جداً قد حملها"حامد".
وعندما عاد"حامد" الي بيته وجد من يقول له أن "أم حسن" تريده؛
و قد أشاع أنه عم"حسن" و أن والده مسافر و لا يوجد لهم أقارب
في البلد؛ فأتي بهم الي القاهرة لكي يكونوا في رعاية"حامد"؛حتي لا يتشكك في أمرهم أحد.
و ذهب"حامد" علي الفور الي "أم حسن" ووجدها كما يقولون"علي أحر
من الجمر" لمعرفة ما دار بينه و بين "عبدالفتاح" في الزيارة؛ فقال لها ما دار بينهما
من حوار؛ وفجأة رأن الصمت بين الأثنين.
بعدما أكتشف"عبدالمجيد" وجود"عبدالفتاح" في مكتبه و هو يسرقه؛ قال
له العبارات المعتادة في مثل هذه المواقف؛ قف مكانك يا حرامي يا لص؛
و بدأ يسبه بأغلظ الشتائم؛ وكان يقول له يا فلاح يا بن الفلاح الذي كان يبدو من مظهر "عبدالفتاح".
هنا بدا الغضب يظهر علي وجهة"عبدالفتاح" وقال ل"عبدالمجيد":
الفلاحين الذين تسبهم هم السبب في ذلك الثراء الذي تنعم به أنت وعائلتك كلها؛
بدون الفلاحين لا تصبح شئ؛ بعروقنا و سواعدنا نزرع و نفلح و نسقي و نحرث
و نحصد الزرع في برودة الشتاء و أنت تنعم بدفء نار المدفئة؛ و في حر الصيف
و أنت تنعم بجو المرواح و المكيفات؛ لا تشعر بما يشعر به الفلاحين من عناء و جهد؛
و انت تعطي مقابل ذلك مجرد ملاليم لا تكفي ليوم واحد.
- قاطعه "عبدالمجيد" من علمكم ذلك الكلام يا فلاح؛ كيف تجرؤ علي أن تكلمني هكذا؛
أنتم نسيتم أنفسكم أنكم مجرد فلاحين و ده شغلكم و نحن أسيادكم؛ لا تعتقدوا بمجرد
ان أتت فرة و تملكتم فيها بعض الاراضي أنكم أصبحتم أسياد؛ لا أنتم مجرد حثاله
لا تسوا شيئاً؛ و أنا و اهلي في هذه البلد من سنوات طويله؛ سُحبت منا أراضي كثيرة
و لكني أستطعت ان أعيدها منكم أنتم لا من غيركم؛ و رجعتم كما كنتم فلاحين نآمركم
فتطيعوا و لا يستطيع أحد منكم علي العصيان .
و بعدين هل أنت من أهل هذه البلد؛ و إذا كنت من أهلها فما الذي دفعك الي ذلك؟
- أنت!!
- أنا! يا فلاح يا حرامي.
- ايوه أنت.
لما ضربت أبويه وسط رجالك الي بتحمي نفسك بهم؛ فلن ينفعوك اليوم بعدما تركوك وحدك.
- كيف تركوني؟ و بعدين اولاً أبوك مين؟
- أبويه"متولي" ضربته لمجرد أنه طلب زيادة الاجر حتي يتناسب مع جهده؛ فضربته
أنت و رجالك و هو رجل كبير شيخ لا يستطيع مقاومة رجالك و لكني سثأر له منك.
- ضحك"عبدالمجيد" ضحكاً عالياً و أخذ يقول ساخراً أنت يا حرامي يا بن الفلاح هتضربني
أنت مجرد حشرة تضرب بالحذاء و هذا مقامك و أنا لا احتاج الي هولاء الرجال الذين تركوني
لا يهم؛ فأنك ضعيف مهما تظاهرت بالقوة و الشجاعة؛ فأنتم أيها الفلاحين جبناء مجرد عص
ا تفرقكم جميعاً؛ ولكن لن أضربك بالعصا بل بالنار لانك مجرد حرامي حاولت سرقتي فدافعت
عن نفسي و أطلق رصاصة نحو"عبدالفتاح".
قطع"حامد" حاجز الصمت الذي ران عليهما أثناء الحديث موجهاً حديثه الي "أم حسن"
ما الذي شغل بالك ؛ هل هناك شئ حدث اثناء غيابي و انا في زيارة "عبدالفتاح".
أم حسن- هل قلت له أن "حسن" مريض و لذلك لم يستطع المجئ الي الزيارة كالعادة.
حامد- لا أطمئني ام اخبره بل قلت له أن "حسن" مشغول بأمتحانات الشهر و المذاكرة
و لذلك لم ياتي هذه المرة؛ و اطمئني أيضاً لم اخبرة بمرض والديه الشديد؛ هل كل هذا يطمئن قلبك.
-لا
-لا!!..لماذا؟
-لان والدية توفيا بالامس
- توفيا!! من قال لك ذلك؟
- الشخص الذي ترسله عند أول كل شهر قد جاء أثناء زيارتك ل"عبدالفتاح" و قال لي الخبر؛
و قد دفنا بالامس
- الاثنين!! لا حول و لا قوة إلا بالله.
بدأ صوت الهاتف في الرنين في منزل "محسن" بعد منتصف الليل؛ وكان "محسن" نائماً
صوت الهاتف؛ فإذا به"عماد" و يعتذر علي هذا الاتصال المتاخر و هذا الازعاج.
ولكن"محسن" قاطعه و قال له أين أنت لماذا لم تتصل كل هذه الفترة؛ لا نعرف عنك شئ؛
ولما لا ترد علي الهاتف.
- اطمئن؛ فأنا بخير؛ وما هي أخبار الجريدة و الزملاء.
- الحمد لله؛ قليقون عليك؛ أخبرني ما هي أخبار قصتك؟
- الحمد لله؛ قد قطعت شوطاً لا بأس به هنا؛ و لكن يبدو أني ساذهب الي مكان أخر
لأستكمال ما بدات.
- إلي أين؟
- لم أحدد بعد من أين ابدا هذه المرة؛ و علي كل حال أنا بخير اطمئن.
و في الصباح ذهب "محسن" الي الجريدة يطمئن زملائه علي "عماد" و أنه قد أتصل به بالأمس؛
وفرح الزملاء بهذا الاتصال و أطمئنوا علي "عماد".
5 comments:
اسلوب سلس و فكرة واقعية و بتحصل بس عايز تنظم التكست و تظبطه
تمنياتي بالتوفيق
اوروفوار
ايوه كده
هى دى بقى مرحله صنع العفريت اللى انا اتكلمت عنه
مفيش حد مجرم كده بالصدفه
تحياتى وتقديرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة جميلة ومثيرة
ومكررة ومؤثرة
استمرى
نريد المزيد
مفيش جديد
عزيزى ازيك عامل ايه ؟
انا متابعة على فكرة بس مشغولة و الله جامد اليومين دول و الحلقة الى جتفوتنى حقراها فيما بعد ان شاء الله لانك طبعا عارف ان قراءة قصة غير مقال قصير
بس متهيالى جاتلك فرصة كويسة تنشرها من خلال مدونات الجيب
انت اسلوبك كويس على فكرة
و انت عارف انى مش بجامل
Post a Comment